كلنا كاذبون
نعم كلنا كاذبون في تلك الحياة ندعي الرضا ونعتنق سياسة التسليم بالأمر الواقع و تأبى أرواحنا إلا الخضوع و التمرد فتحلق إلى حيث لا ينتمي الجسد في عالم الأمنيات التي تبخرت و الأحلام التائهة و ذكريات ماض تولى ولن يعود.
و نمضي في هذه الحياة أجسادا شاردة مسلوبة الإرادة و الهوى فلا الأجساد بلغت عالم الخيال الذي تحلق فيه أرواحها و لا الأرواح سكنت واطمأنت حيث تسكن أجسادها.
فنجد أنفسنا عقولا شاردة تحن إلى أغنية أولحن أو مشهد قديم يعيد لنا ذكرى حزينة نرى فيها أطياف الراحلين تداعب أرواحنا العطشى و أشباح ماض يرسم بسمة خاطفة في خلسة من الأيام أو دمعة حنين لذكرى طبعت قبلة على جبيننا الذي ملأته تجاعيد السنين و العمر الذي تولي مسرعا لينهي السباق إلى حيث يضع الفارس سيفه و يتحرر من درعه الذي أثقله معلنا السلام أو الاستسلام في حرب لم يخترها و إنما كتبت عليه قدرا مقدورا.
يعود ليلملم ما تبقى من أشلاء أحلامه و ذكرياته و أمنياته باحثا عن نفسه كسفينة عصفت بها الرياح و تقاذفتها الأمواج فلا إلى شاطئها عادت ولا إلى مبتغاها اهتدت.