إلى السيد ميم..! بقلم - أميرة عبد الباري
عزيزي السيد ميم : مضى وقت طويل بعد أن قررت العودة إلى المكان الصحيح في حياتي ، فهو مأمني الوحيد الذي ينطبق عليه وصف " اللجوء" .
نعم .. فأنا أذهب إليه لاجئة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فليس اللجوء فقط أثناء الحرب ..، فنحن نلجأ للحماية من خوف يسكننا مرغمين ، بل وأحياناً نحمله في جيناتنا ، ونورّثه لأبنائنا ولأجيال من بعدنا .
أتعلم أن هذا التعبير لم يأتي من فراغ .. ، فقد استلهمته من تلك الأحداث الراهنة ، ولعلها هي ما أوحت لي به .
والآن .. أكتب إليك وأنا أنتزع الخوف الذي يسكنني ، وهممت أقول لنفسي ، حذارِ أن تهزك هذه القضية رغم فداحتها ، مع إحساسي بعمق الحزن والأسى الذي أصابني جراء التطورات التي تتم في الأراضي المحتلة .
عزيزي السيد ميم ، حرصت على الذهاب إليك باكراً ، كي أتجنب الزحام الشديد ، كنت أتابع الطريق من حولي بدقة ، كان الجو دافئ .. ، والأقدام السائرة تهرول كأنها أيضاً مثلي على ميعاد ، ولكن كلٍ منا يختلف في مساره .. ، أنظر إلى الطريق ، وأتذكر كم تخطيت علي أصدائه ، وأنا حاملة ثقلي لألقي به على أعتابك .
جئت .. ، ولست أدري فيما سأتحدث معك ، في الحقيقة يا عزيزي أنا لا أمتلك سوى الوهم الذي أعيش عليه ، وكأني أروي نفسي من ماء مالح لا يروي ظمأ .
هل تصدق أنني في لحظات ينتابني الجنون ، وبالنظر لأحداث القضية الفلسطينية أردد : "كنت أعلم أن هذا الحزن الذي بداخلي سيعم العالم أجمع وسيترك لديهم شعوراً عميقا بالشجن والإبتئاس" .
يا عزيزي لقد تحدثت كثيراً عن نفسي ، والآن .. ، دعني أتحدث عنك ، عما تحظى به من إحترام ومحبة بالغة لدى كل من حولك .. ، وأني مدينة لكَ بالإستقرار والقوة التي كنت في حاجة إليها .
وصفتك سابقاً بأنك مصدر صلابتي وبقائي ، وأصفك لاحقاً بأنك بقعة الضوء التي ترافق كل دروب حياتي .. ، شكراً لأنك وثقت بي عندما أقر الجميع أنني لا أستطيع .