حتة مني
رؤية فلسفية لقصيدة المبدعة / نادوو فتيحه ( حتة مني)
قراءة نقدية للكاتب / أحمد منصور الخويلدي
القصيدة من ديوانها ( حتة مني ) الفائز بالمركز الأول في مسابقة الإصدار الثاني للمبدعين المصريين الدورة الثانية فرع العامية الذي ينظمها مركز عماد قطري للابداع و التمنية الثقافية لعام 2013م
مقدمة: للعامية مذاق خاص.. تجذب إليها الكثير من القراء؛ لسرعة مكوثها بالوجدان.. عندها تؤدي المصداقية دور البطولة، و تبقى حروفها السهلة تلعب دور الكمبارس من خلف ستارة وحدة الموضوع؛ كأنغام حكايات الجدة التي نشتاقها، و نحن الآن أمام قصيدة تبلور حالة حب تعبر متاهات الفقد، و تهمس في أذن الجميع: أن للحب فلسفة أبعد من فلسفة الامتلاك، من شأنها أن تظل تحاكي الروح.. متشبثة بالقيمة الخفية لما وراء العشق؛ ليكون الدعاء الصادق للحبيب هو المسافة الواقعة بين البعد و القرب... من هنا أعترف: أنني أنزفُ للحبيب الغائب أمنيات تشبه جمال قصيدتنا التي بين أيدينا.. أحتفظُ بملامح روحه بخزانة عمري، و أتركُ جسده تجسده كلمات النصيب، و أوصي مع شاعرتنا: يا حبيب الحبيب، لا يؤلمك أنني قريب؛ فأنا مجرد ضوء خافت، أمنح روحكَ طاقة الهيام؛ فتنعكسُ في وعاء واقعك أحلام، و يبقى انكساري على طول الزمان خطوطا من الأمان لكَ و لها .
ـــــــــ النص ـــــــــــــ
* حتة مني *
في معاكي حتة مني
مكتوبة لكِ
يبقا من حقي أقولك
خلي بالك
و الكلام اللي هقوله
إسمعيه
لما يصحا الصبح قومي و فطرية
واعملي له النسكافية
هو بيحبه برغوة تكون سعيدة
و معلقة سكر وحيدة
زي قلبي دوبيه
بإبتسامة مني أنا
إدعي و إتمني له يشرب بالهنا
و ابقي بوسي حرف فنجانة بشفايفي و قدميه
لو قعدتي معاه في مطعم
له معايا ذكرى فيه
و طلب لكِ نفس أكلي
إبقى إرضي
واقبليه
لو همس و الفِكر سارح
كل عيد وإنتِ حبيبتي
و الدموع في عينيه بترفض
إن يخرج من حكايتي
إبقى افتكري إنه ليكي
خلي راسه بين اديكي
و إبكي وياه و اسمعيه
لما يأمر
و لا ينهى
ابقى طيعي بلاش تآوحي
و أما يحكي عني ليكي
إبقى عديها وسامحي
واما ييجي طفله منك
لونه .. لوني
فيه ملامحي
و لا يندهلك بإسمي
متقوليش إزاي وليه
بس أرجوكي
اعذرينا
حسي معنى الحب أيه
ــــــــــــ الرؤية ـــــــــــــ
بدايةً و قبل عبور العنوان؛ سنحركُ مجداف الفلسفة في عمق المقصود ( حتة مني ) الجزء و الكل كلمتان لهما في الفلسفة معان كثيرة، منها الإشارة إلى الشىء الذي يتآلف من عدة أجسام داخلية و خارجية، و دلالة الشاعرة هنا قد تكون واضحة بأنه ( الجزء ) و الجزء إجمالا هو الجسم الذي لا يتجزأ و لا يقبل الانقسام؛ فكان العنوان رسالة واضحة تقول:برغم أن الجزء أصغر من الكل؛ إلا أنني أتكون منكَ و باستطاعتي أن ألملم بقايا نفسي من أجلك....
***
في معاكي حتة مني
مكتوبة لكِ
يبقا من حقي أقولك
خلي بالك
و الكلام اللي هقوله
إسمعيه
لما يصحا الصبح قومي و فطرية
و أعملي له النسكافية
هو بيحبه برغوة تكون سعيدة
و معلقة سكر وحيدة
زي قلبي دوبيه
***
تبدأ الشاعرة في الاستهلال للقصيدة بالإيمان بقدرها، و بما أنها أنثى في مجتمع شرقي فرضتْ عليها العادات و التقاليد، و على الطرف الآخر أيضا الولوج في عمق الذاكرة؛ فأرسلتْ الكراهية و النسيان إلى حيث اللاوجود؛ و بدأتْ تقفز بخطوات العاشقة الصادقة نحو المعنى الحقيقي للحب... أولها الخوف على المحبوب، و حرصها الزائد على منحه السعادة، و لو بتقديم الوصية لأنثى أخرى، و هي تعلم جيدا أنها ربما لن تسمعها؛ لكن الدلالة هنا تبتسمُ و ترسمُ للذكريات و الأمنيات المفقودة، و هي تتمتمُ بتفاصيل معرفته جيدا. من خلال سردها لبعض الأمور المتعلقة بطباعه، مثل حبه للنسكافية بملعقةِ سكر وحيدة،و إظهار الأمكان المفضله له و هكذا المأكولات...
**
لو همس و الفِكر سارح
كل عيد و أنتِ حبيبتي
و الدموع في عينه بترفض
إن يخرج من حكايتي
إبقى افتكري إنه ليكي
خلي راسه بين اديكي
و إبكي وياه و اسمعيه
لما يأمر
و لا ينهى
ابقى طيعي بلاش تآوحي
***
ثانيا: تنقلنا الشاعرة بإسلوبها الشيق إلى ايدلوجية الحب من حيث مقاربات تأثيره على الحالة النفسية للعاشق.. فلا شك أن الإنتقال إلى هذه الدرجة يستلزم أفئدة مغلفة بقيمة العطاء ، واعية لمضمون الحياة، متصالحة مع الذات؛ فكيف للمسافات أن تذيبها آهات اللهفة بدون وسائل ِاتصال... أن الوسيلة الحقيقة التي تربط وجدان العاشق هي هذه الروح الفَارَةُ من رياح الامتلاك؛ حيث اللجوء إلى نسائم الاطمئنان، و منها إلى راحة الضمير، وقتها تتفتح أزهار الروحين و يضمهما شذى التوحد؛ فيسعد الحبيب لسعادة حبيبه و يتألم لألمه، متجاوزا حدود الهجر و الفقد...
***
و أما ييجي طفلة منك
لونه .. لوني
و فيه ملامحي
و لا يندهلك بإسمي
متقوليش أزاي وليه
بس أرجوكي
اعذرينا
و حسي معنى الحب أيه
***
ثالثا: تضعنا شاعرتنا المبدعة في براثن الاستفهام ( بس ارجوكي اعذرينا و حسي معنى الحب أيه ) و كأنها بذكاء تلقي بنا و بهذه الأنثى التي تخاطبها في غيابات المطلق؛ فالحب لا تحتويه الكلمات، و هو أصدق من معناه، و ليس علامة للمعاناة.. يفرُّ منه إليه صاحب كل فطرة سليمة، قد يلعنه البعض صباحا و مساءً؛ و لكنه يبقى الصديق الذي لا يخذل من يصاحبه مطلقا؛ فالحب قوي في ذاته، لا ينازل الضعفاء ، و هو يسمو بالنفس عن كل الصغائر، و له القدرة على مواجهة رغبات و شهوات الذات و وضعها تحت طائلة التضحية الاحترام ..
ـــــــــــــــــــــــــ
الخاتمة :لقد عرف الكثرون من النقاد قصيدة العامية على أنها وليدة شرطها الشعرى و الجمالى و الثقافى، تبحث عن شعريتها فى لغة الحياة اليومية بآليات و رؤى فنية خاصة بها، و تختلف بنيتها الموسيقية عن البنية الموسيقية لقصيدة التفعيلة فى شعر الفصحى و كذلك تختلف العلاقة بينها و بين الزجل عن العلاقة بين قصيدة التفعيلة و القصيدة العمودية فى شعر؛ لكنها تبقى في نظري هي الاقرب إلى وجدان العامة،
قراءة نقدية للكاتب / أحمد منصور الخويلدي
القصيدة من ديوانها ( حتة مني ) الفائز بالمركز الأول في مسابقة الإصدار الثاني للمبدعين المصريين الدورة الثانية فرع العامية الذي ينظمها مركز عماد قطري للابداع و التمنية الثقافية لعام 2013م
مقدمة: للعامية مذاق خاص.. تجذب إليها الكثير من القراء؛ لسرعة مكوثها بالوجدان.. عندها تؤدي المصداقية دور البطولة، و تبقى حروفها السهلة تلعب دور الكمبارس من خلف ستارة وحدة الموضوع؛ كأنغام حكايات الجدة التي نشتاقها، و نحن الآن أمام قصيدة تبلور حالة حب تعبر متاهات الفقد، و تهمس في أذن الجميع: أن للحب فلسفة أبعد من فلسفة الامتلاك، من شأنها أن تظل تحاكي الروح.. متشبثة بالقيمة الخفية لما وراء العشق؛ ليكون الدعاء الصادق للحبيب هو المسافة الواقعة بين البعد و القرب... من هنا أعترف: أنني أنزفُ للحبيب الغائب أمنيات تشبه جمال قصيدتنا التي بين أيدينا.. أحتفظُ بملامح روحه بخزانة عمري، و أتركُ جسده تجسده كلمات النصيب، و أوصي مع شاعرتنا: يا حبيب الحبيب، لا يؤلمك أنني قريب؛ فأنا مجرد ضوء خافت، أمنح روحكَ طاقة الهيام؛ فتنعكسُ في وعاء واقعك أحلام، و يبقى انكساري على طول الزمان خطوطا من الأمان لكَ و لها .
ـــــــــ النص ـــــــــــــ
* حتة مني *
في معاكي حتة مني
مكتوبة لكِ
يبقا من حقي أقولك
خلي بالك
و الكلام اللي هقوله
إسمعيه
لما يصحا الصبح قومي و فطرية
واعملي له النسكافية
هو بيحبه برغوة تكون سعيدة
و معلقة سكر وحيدة
زي قلبي دوبيه
بإبتسامة مني أنا
إدعي و إتمني له يشرب بالهنا
و ابقي بوسي حرف فنجانة بشفايفي و قدميه
لو قعدتي معاه في مطعم
له معايا ذكرى فيه
و طلب لكِ نفس أكلي
إبقى إرضي
واقبليه
لو همس و الفِكر سارح
كل عيد وإنتِ حبيبتي
و الدموع في عينيه بترفض
إن يخرج من حكايتي
إبقى افتكري إنه ليكي
خلي راسه بين اديكي
و إبكي وياه و اسمعيه
لما يأمر
و لا ينهى
ابقى طيعي بلاش تآوحي
و أما يحكي عني ليكي
إبقى عديها وسامحي
واما ييجي طفله منك
لونه .. لوني
فيه ملامحي
و لا يندهلك بإسمي
متقوليش إزاي وليه
بس أرجوكي
اعذرينا
حسي معنى الحب أيه
ــــــــــــ الرؤية ـــــــــــــ
بدايةً و قبل عبور العنوان؛ سنحركُ مجداف الفلسفة في عمق المقصود ( حتة مني ) الجزء و الكل كلمتان لهما في الفلسفة معان كثيرة، منها الإشارة إلى الشىء الذي يتآلف من عدة أجسام داخلية و خارجية، و دلالة الشاعرة هنا قد تكون واضحة بأنه ( الجزء ) و الجزء إجمالا هو الجسم الذي لا يتجزأ و لا يقبل الانقسام؛ فكان العنوان رسالة واضحة تقول:برغم أن الجزء أصغر من الكل؛ إلا أنني أتكون منكَ و باستطاعتي أن ألملم بقايا نفسي من أجلك....
***
في معاكي حتة مني
مكتوبة لكِ
يبقا من حقي أقولك
خلي بالك
و الكلام اللي هقوله
إسمعيه
لما يصحا الصبح قومي و فطرية
و أعملي له النسكافية
هو بيحبه برغوة تكون سعيدة
و معلقة سكر وحيدة
زي قلبي دوبيه
***
تبدأ الشاعرة في الاستهلال للقصيدة بالإيمان بقدرها، و بما أنها أنثى في مجتمع شرقي فرضتْ عليها العادات و التقاليد، و على الطرف الآخر أيضا الولوج في عمق الذاكرة؛ فأرسلتْ الكراهية و النسيان إلى حيث اللاوجود؛ و بدأتْ تقفز بخطوات العاشقة الصادقة نحو المعنى الحقيقي للحب... أولها الخوف على المحبوب، و حرصها الزائد على منحه السعادة، و لو بتقديم الوصية لأنثى أخرى، و هي تعلم جيدا أنها ربما لن تسمعها؛ لكن الدلالة هنا تبتسمُ و ترسمُ للذكريات و الأمنيات المفقودة، و هي تتمتمُ بتفاصيل معرفته جيدا. من خلال سردها لبعض الأمور المتعلقة بطباعه، مثل حبه للنسكافية بملعقةِ سكر وحيدة،و إظهار الأمكان المفضله له و هكذا المأكولات...
**
لو همس و الفِكر سارح
كل عيد و أنتِ حبيبتي
و الدموع في عينه بترفض
إن يخرج من حكايتي
إبقى افتكري إنه ليكي
خلي راسه بين اديكي
و إبكي وياه و اسمعيه
لما يأمر
و لا ينهى
ابقى طيعي بلاش تآوحي
***
ثانيا: تنقلنا الشاعرة بإسلوبها الشيق إلى ايدلوجية الحب من حيث مقاربات تأثيره على الحالة النفسية للعاشق.. فلا شك أن الإنتقال إلى هذه الدرجة يستلزم أفئدة مغلفة بقيمة العطاء ، واعية لمضمون الحياة، متصالحة مع الذات؛ فكيف للمسافات أن تذيبها آهات اللهفة بدون وسائل ِاتصال... أن الوسيلة الحقيقة التي تربط وجدان العاشق هي هذه الروح الفَارَةُ من رياح الامتلاك؛ حيث اللجوء إلى نسائم الاطمئنان، و منها إلى راحة الضمير، وقتها تتفتح أزهار الروحين و يضمهما شذى التوحد؛ فيسعد الحبيب لسعادة حبيبه و يتألم لألمه، متجاوزا حدود الهجر و الفقد...
***
و أما ييجي طفلة منك
لونه .. لوني
و فيه ملامحي
و لا يندهلك بإسمي
متقوليش أزاي وليه
بس أرجوكي
اعذرينا
و حسي معنى الحب أيه
***
ثالثا: تضعنا شاعرتنا المبدعة في براثن الاستفهام ( بس ارجوكي اعذرينا و حسي معنى الحب أيه ) و كأنها بذكاء تلقي بنا و بهذه الأنثى التي تخاطبها في غيابات المطلق؛ فالحب لا تحتويه الكلمات، و هو أصدق من معناه، و ليس علامة للمعاناة.. يفرُّ منه إليه صاحب كل فطرة سليمة، قد يلعنه البعض صباحا و مساءً؛ و لكنه يبقى الصديق الذي لا يخذل من يصاحبه مطلقا؛ فالحب قوي في ذاته، لا ينازل الضعفاء ، و هو يسمو بالنفس عن كل الصغائر، و له القدرة على مواجهة رغبات و شهوات الذات و وضعها تحت طائلة التضحية الاحترام ..
ـــــــــــــــــــــــــ
الخاتمة :لقد عرف الكثرون من النقاد قصيدة العامية على أنها وليدة شرطها الشعرى و الجمالى و الثقافى، تبحث عن شعريتها فى لغة الحياة اليومية بآليات و رؤى فنية خاصة بها، و تختلف بنيتها الموسيقية عن البنية الموسيقية لقصيدة التفعيلة فى شعر الفصحى و كذلك تختلف العلاقة بينها و بين الزجل عن العلاقة بين قصيدة التفعيلة و القصيدة العمودية فى شعر؛ لكنها تبقى في نظري هي الاقرب إلى وجدان العامة،