أنباء اليوم
الجمعة 8 نوفمبر 2024 12:53 صـ 5 جمادى أول 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

مصابيح باهتة بقلم - رضا العزايزة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أنا رحيل ولي نصيب كبير من أسمي.

حكايتى منذ البداية....

أنا من الكم المُهمل الذى لا يلاحظ أحد وجوده ، ولا حتى يُعتقد أن له شعور أصلا.

تزوجت فى سن صغيرة جداً، وكنت لا أعرف غير نعم وحاضر.

أنتقلت الطاعة من الأهل إلى الزوج الإله الجديد.

أنا من إحدى قرى الجنوب فى الأرياف ، تزوجت ونزلت مع الزوج الفحل البندر كما يقال......

الذى كان يعاملنى بالحديد والنار ، إن تأخرت فى تحضير الطعام أُضرب ، وإن رسب أولادى فى الدراسه أضرب ، وإن كان مزاجه سيء أضرب.

لم أستغرب الأمر ، لأني أعرف إنى العبد الجديد

الذى لا يعرف غير الأهانه والطاعه

إلى من أشكو هذا الفحل الغليظ ، أهلي أم أعمامي، أم إخواني كلهم مثله أيضاً.

مرت الأيام والسنين فى ظلم وإستعباد ، لا أخرج من البيت أصلا إلا معه ، وهذا قليل جداً ، لواجب العزاء غالباً دون سماع صوتي، كما لوكنت خرساء.

كان يضرب بزوجة الفحل هذا المثل فى العقل والأخلاق ، ويقولون ست عاقله، ومحترمه، و رزينه، لا أحد يراها،

‏ أو يسمع صوتها.

َكَبِرت أولادي مع تلك الوحش القاسي ، وكبرت أنا أيضاً وتعبت ، لكن لازلت صامته ، نسيت الكلام.....

لا تصدقون أليس كذلك....

كان يضرب بي المثل فى الأخلاق والتحمل ، منذ تزوجت لم أذهب إلى أهلي سوى مرتان تقريباً قبل آخر مرة.

هذا الفحل الذى كان يفعل كل ما يتعلق بعكس الأخلاق ، كان شديد الحرص ألا يرانا أحد أنا و بناتى. ، و يُحرض الأولاد علينا.

هم كانوا مكانهُ حين يغيب ليقوموا بالقوامه والتأديب لنساء البيت، حتى ولو وصل الأمر للضرب، كنا نخاف منهم مثلما نخاف منهُ.

تزوجت بناتى فى سن صغيرة ، وقاموا بترحيلهم إلى الأرياف.

تزوجوا من أقارب لهُ على نفس شاكلتة.

الكل يريد النموذج المقهور ، نعم ، و حاضر، دون نقاش وحوارات.

كانوا يمدحون البنات، ويقولون : مثل أمهم ست عاقلة ومحترمة ، ولا تخرج من المنزل أبداََ إلا مع زوجها وفى واجب العزاء فقط ، لا يوجد فى حياتها سوى زوجها ، وأولادها والبنات حتماً مثل أمهم.

تركتني البسمة ، والفرحه ، عندما تزوج بناتي بعيد عني ودخلوا المعتقل مثلي ، أصبح قلبي مقبوض وأشعر أني لستُ على ما يرام

ومع الوقت أصبح في البيت أكثر من فحل زوجي،

و أولادي ، الذى أصبحوا أغبياء قاسين القلب مثل أبيهم.

أحياناً كثيرة يتطاولون علي مثل أبيهم ، فقط إن تأخرت عليهم فى تحضير الطعام.

قلت في نفسي، لا بأس هؤلاء أولادي ، وهم ضحية لذلك الفحل القاسي البغيض.

تعبت مع الوقت و السنين التي قضيتها بكماء في هذا اليل الطويل الحالك السواد.

عجزت عن العمل فى شؤن المنزل ، وذهبوا بي للكشف علي،

ليس خوفاً علي ، ولكن حتى لا أتوقف عن خدمتهم.

قال الطبيب حالتها النفسيه فى خطر شديد ، وأن لدى وهن عام ومشاكل فى المخ و الأعصاب.

‏ ويجب أن أُعرض على طبيب مخ وأعصاب فوراً.

رجعت البيت ، هم وأبيهم ينظرون إلي كما لو أني جلبت لهم العار.

شعرت بالرعب من نظراتهم ، عندما سمعتهم يقولون إني سوف أفضحهم، لأن عقلى به مشاكل

قال لهم أبيهم أن يغلقوا الباب علي ، كما لو أننى جُننت

مرت الأيام والشهور ، أصبحت أرى و أسمع أشياء غريبة من كثره البكاء والجلوس بمفردى أغلب الوقت.

بعد ذلك ظللت أجلس أمام المرآة وأُغنى و أرقص وأضع الكثير من مساحيق التجميل الفاسدة منذ سنين على وجهى ، وكنت أُضرب كل يوم لهذا السبب من الفحل

و أولاده.

كنت أتحين الفرصه لكى أخرج من المنزل ، وأدخل أى بيت وأجلس عندهم ، وأأنس بهم ، أنام وآكل عند الأغراب بشكل رهيب وغريب دائما كنت أشعر بالجوع لا أعلم لماذا ؟!!!!

بعد ما كنت أخشي وأُحرج من شرب الماء عند أحد ، وأصبحت أفعل أشياء لا تعبر عن العقل، وأحترامي لنفسىي.

كل يوم يعثروا على فى بيت، وتقوم الناس بإرجاعى إلي المنزل مرة اخرى ، وهم فى حسرة على الست المحترمة زوجه الفحل اللعين.

ماذا حدث لها وأين ذهب عقلها؟!!

كانت الجيران تبكى علي عندما يروني فى النافذه الحديد أُغني وأبكي وأصيح ، وهم يقولون.

"حسبى الله في جوزها جنن الست العاقله منه لله "

قام هو وأولادى بوضع خطة للتخلص مني وإرسالي إلى

أهلي فى الجنوب.

حتى لا أجلب لهم العار بمرضي ، وفعلاً قاموا بأستئجار سياره لتوصيلى إلى أهلي.

شعرت بالخوف ، ومع ذلك كنت هادئة جداً في هذا اليوم

وقلت لهم إني أريد رؤية بناتي وأحفادي ، صرخوا في

وجهي قائلين " عايزة العيال يعرفوا إن ستهم مجنونة"

‏ سكت وعدت إلى صمتي ، وشعرت بالبرد الشديد في جسدى ، وكأنى أركب السياره مع ناكر ونكير، غفوت قليلاً

‏من التعب.

‏ ‏وعندما أستيقظت ، وجدت نفسي مربوطة في سرير بجنزير ، ‏لم أستطيع الحراك ، وجدت أخي، وزوجي، وأولادي ، ‏يتهامسون ويقولون.

‏" هى أيام وسوف نستريح منها "

‏" ‏ أصبحت مجنونه ، أغلقوا الباب عليها حتى تموت هى وعارها"

كنت لا أعرف ماهو العار الذى جلبته لهم ، ولكن شعرت بنبضات قلبى ضعيفة جداً ، كنت مصابه بالسكر والضغط والقلب ، لذلك كانت حالتى سيئه.

بعد ذلك قاموا بوضع ماء ، وزجاجات أدويه، وحبوب بجواري.

قلت في نفسي، لم لا أخذ تلك الحبوب مره واحدة.

كي أُريحهم وأُريح نفسىي منهم ويكون الخلاص.

كنت أحياناً أتوه، وأحياناً أستفيق ، و أسمع أصوات مزعجه

وصراخ في كل مكان ، بصوت رهيب ، كنت أريد الخلاص أجل الخلاص من نفسي أولاً.

قمت بأخذ كل الحبوب التى في الزجاجة ، وشعرت بهبوط رهيب ، توقف قلبى عن النبض ، دخلوا على بعد يوم ونصف، وأنا أموت بالبطيء ، أحضروا الدكتور حتى يخلوا مسؤوليتهم عنى فقط ، ليس خوفاً علي ، وظلت روحي تنازع حتى وصلت بناتى، ثم توقعوا أنتم الباقي.

رأيت في لحظاتي الأخيرة الحب، والرعب في أعين بناتى

كانوا يقولون لي سامحينا يا أمي نحن مثلك ضحية.

وإلى هنا لم أصبح حتى ذكري ، مع هذا الفحل البغيض الذى تزوج ولم يبالي بالطاعة والأحترام طول حياتي معه.

كان يقف هو وزوجته الجديدة أمامي ، لم أرى أى نظرة ندم فى عينه الجاحدة.

لست نادمه إلا على عدم إنتحاري منذ زمن بعيد...

...........نعم أنا رحيل.........