أنباء اليوم
السبت 21 ديسمبر 2024 06:16 مـ 20 جمادى آخر 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

ولاء مقدام تكتب: ”التلاعُب النفسي والحب”

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أكثر ما يحبه الأطفال في حياتهم هو اللعب ،وقد نجد أن اللعب شيء جميل ومريح للأعصاب .لكن قد نجد أشخاص تجعل من حياتها لعبة ويكون الهدف منها السيطرة على الآخرين وتجعل من الآخرين خصوماً لهم ويكون هدفهم في الحياة السيطرة على الآخرين ومن هنا ظهر لنا مصطلح اسمه التلاعُب النفسي .ماذا يعنى هذا المصطلح وهل هناك فعلا شخص يستطيع أن يتلاعب نفسياً بالآخرين .هذا ما سوف نراه في السطور القادمة.

فى بداية الأمر ظهر علينا مصطلح غسيل الدماغ،

أول من استخدم لفظ غسيل الدماغ كان إدوارد هنتر ليصف به حالة الجنود الأميركان العائدين من أسر الصينيين لهم خلال الحرب الكورية عام 1950، فقد اكتشف الأميركان أن الأسرى عادوا وقد تبنوا المبادئ الشيوعية بصورة ثابتة يصعب تغييرها! وقد وصف هنتر الحالة بأنها المحاولات المخططة، أو الأساليب السياسية المتبعة من قبل الشيوعيين، لإقناع غير الشيوعيين، بالإيمان والتسليم بمبادئهم وتعاليمهم! ومن هنا بدأت فكرة السيطرة على الأشخاص.

يمكن تعريف التلاعب النفسي إنها طريقة باستخدام مجموعة من الحيل والأساليب التي يستخدمها الأشخاص المتلاعبين بهدف تحقيق منفعة وأهداف تخدم مصلحتهم وتضر بمصلحة الآخرين عن طريق السيطرة التامة على ضحيتهم ومن خلال ذلك يستطيع الفرد أن يتحكم في شريكة الآخر بمنتهى الأريحية.

السؤال هنا لماذا لا نكتشف هذه الحيل وخصوصاً أن الجميع يقع بها وليس الأشخاص الساذجون أو حتى غير المتعلمين؟ الإجابة تكمن فى نوعية التربية التى يتلقاها الأبناء على يد الآباء وهم صغار، إذا كانت سياسة الحب المشروط هي المسيطرة على أسلوب التربية فإن الأطفال يكونوا أكثر عرضة للسيطرة من المتلاعبين،

ماذا يعني الحب المشروط؟ هو أن لابد أن يكون هناك سبب أو غاية من أن الأم تحب طفلها، أي مبدأ الثواب والعقاب الذي يطبق بصورة خاطئة. الأم تخبر الطفل أنها لن تحبه إذا كان مشاغباً وأن أخوه الذي يسمع الكلام أفضل منه، ومن هنا ينشأ لدى الطفل مفهوم أنه لكي يكون محبوباً لابد له أن يدفع الثمن.

ما العلاقة بين التلاعب النفسي والحب؟

أكثر ما يكون التلاعب النفسي يكون فى العلاقات العاطفية، يستخدم المتلاعب كافة الطرق لإيقاع بضحيته، يبدأ الموضوع بخطة يضعها تتكون من مجموعة من المراحل تبدأ بالإهتمام المفرط، التقرب الغير مبرر، الإهتمام الذي يجعل الضحية محاصرة من كل الإتجاهات وكثيراً ما نجده على وسائل التواصل، مثل الإهتمام بمواعيد النوم والسؤال عن الصحة والإهتمام بنفس الهوايات، الهدايا وإعطاء أكبر وقت ممكن للضحية حتى تثق وتشعر بالأمان وتبدأ في التسليم التام، لأنه اشبع لديها احتياجات عاطفية من الإهتمام والتقدير وأصبح الموضوع تعلق مرَضي.

المرحلة الثانية هى تقليل الإهتمام بعد أن أدرك أنه سيطر على ضحيته، البدء فى تحقيق الرغبات قد تكون رغبات مادية أو جنسية أو فكرية، هنا يبدأ في طلب ما يريد وإذا رفضت الضحية يبدأ في استخدام حيل أخرى مثل الصمت العقابي، أو الإنسحاب والإختفاء وحرمان الضحية من كل الإمتيازات، قلب الطاولة وقلب الحقائق والتقليل من قيمة الضحية حتى ترضخ وتنفذ كل الطلبات.

في آخر مرحلة يكون التخلي وغالباً ما يكون مفاجئ وبدون أسباب، حتى بعد تنفيذ جميع طلباته نجده يتخلى ويعمل على تحطيم ما بقى من نفسية الضحية بالتقليل منها وأنها دون المستوى أو قد يكون الإختفاء النهائي، ويرحل بحثاً عن ضحية أخرى ليمص طاقتها ويسلبها أمانها النفسي وقد يعود مرة أخرى إلى ضحيته ويظهر ويختفي كل فترة حتى يضمن أنه مازال مسيطراً.

هذه الشخصيات لم تكن تحمل داخلها أي ذرة حب أو إهتمام للضحية إنما ولائها الأول لنفسها ومصلحتها، هي شخصيات مريضة فاقدة الثقة في النفس وفي الحب، هي ضعيفة وتستعرض قوة زائفة تتدعي الغموض حتى تكون أكثر جاذبية وقد تدعي العفة أيضاً أو التدين حتى تستطيع الحصول على ضحيتها.

طرق علاج العلاقات المؤذية .

إذا حدث وصادقت علاقة مثل هذا النوع من العلاقات يجب أن تدرك أنه ليس خطأك لوحدك وأن أي شخص معرض لمثل هذه التجربة، لابد من الثقة في الله والثقة في النفس، لابد أن يتقرب الشخص من الله ويتقرب من الأشخاص المقربين له حتى يجد من يساعده في أزمته، يجد من يحتويه، يجب تغير روتين الحياة بلعب رياضة مثل المشي أو الجري ويجب استغلال الوقت بشكل مفيد بالقراءة والتنمية والتطوير، واهم شيء لابد من حب الذات وبناء حدود صحية نفسية مع الآخرين لأنها حائط الدفاع أمام أي هجوم من المتلاعبين، ويجب أن يتقبل الشخص نفسه يدرك عيوبه ويجب أن يدرك قدراته ويرفع من وعيه الذاتي.

وأخيراً .. يدرك أن في كل محنة منحة وأن كل تجربة ما هي إلا درس كبير يجب أن يتعلم منه وإذا تكرر نفس الخطأ فإنه في الحياة تلميذ فاشل لم يتعلم درسه بعد.