مكارم الاخلاق والمنظومة الرقمية .. بقلم - أميرةعبدالعظيم
إن مانعيشه فى هذه الحقبة الزمنية من عالمنا الرقمى أو الإفتراضى ليس مُجردًا من الأخلاق والآداب التي ينبغي الإلتزام بها في الحياة فهذا العالم تكتنفه أخلاق العالم التقليدي إضافة إلى بعض الآداب التي فرضتها طبيعة هذا العالم الحديث.
لقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إتمام مكارم الأخلاق هدفًا لبعثته وغايةً لرسالته وكفى بذلك تنويهًا وتشريفًا لقيمة الأخلاق في دعوته حيث قال: (إنما بُعثت لأتممَ مكارم الأخلاق)
ولقد منَّ الله على المسلمين بأن جعل لهم قدوة يقتدون بها تمثلت فيها مكارم الأخلاق التامة التي أخذت من ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أثنى الله عليه فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم)
ويدخل في مكارم الأخلاق حُسن الخُلق والمعاشرة التي دعت إليه السُّنَّة وتوافرت في فضلها الأحاديث
وتلك هى المسألة حيث لا يكفي أن يكون المسلم ذا علمٍ غزيرٍ، ومعرفة بأصول دينه وفروعه وبما يجب عليه تجاه ربِّه وتجاه أُمَّته، وما ينجيه في الدنيا والآخرة فلا تكفي كلُّ هذه
فنحن فى عصر المعلوماتية فى اشد الحاجة إلى منظومة أخلاقية
فما أكثر حاجتَنا إليها في هذا العصر عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات! وذلك لما حلَّ بمجتمعنا من تغيُّرات بسبب التطور الذي حدث في عصرنا الحاضر بسبب الثورة المعلوماتية والتكنولوجية والتى أحدثت طفره أخلاقية
رهيبة فى المجتمعات العربية والإسلامية سواء بالإيجاب أو بالسلب فلا يستطيع أحدٌ أن يغفل الإمكانيَّات الرائعة التي تقدِّمها لنا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأيضًا لا نستطيع أن نتجاهل الآثار السلبية التي ترتَّبت على هذا الانفتاح المعلوماتي والإمكانيَّات التكنولوجيَّة خاصة أن مَن يمتلكون ويحتكرون هذه الإمكانيَّات يختلفون معنا عقائديًّا وفكريًّا فما يعدُّ عندهم مباحًا وعاديًّا نجد له ضوابط أخرى في ديننا وكذلك ثقافة المتلقِّي وعدم توفُّر الوعي الكافي للقيام بالانتقائيَّة المعلوماتيَّة لأَخْذ ما ينفع وتَرْك ما يَضرُّ.
وقد كان لزامًا علينا رصد هذه الظاهرة وتنقية أخلاقنا بل وفلترة كل ما يدخل إلى أدمغتنا كي نواكبها ونستفيد منها ولا يفعل بنا بسببها ما يمثل خطرا شديداً على بيوتنا وبالأخص أولادنا وبناتنا فى ذوات سن المراهقه
ولذلك ينبغي الالتزام بالقواعد والشروط الأخلاقية في الحياة
إذ إن هذا العالم التقنى تكتنفه العديد من الإباحيات التي فرضتها طبيعة هذا العالم ولهذا ليس من الصعب أن نطبِّق ما نتبنَّاه من أخلاق في واقع الحياة اليوميَّة على سلوكنا في عالم الإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي
ينبغي أن نتذكَّر دائمًا أن الإنترنت هو وسيلة للاتصال حيث يُمكنك عن طريقها إرسال الرسائل ومحاورة الآخرين، وعرض أفكارك وآرائك والاطلاع على أفكار الآخرين وآرائهم، فهي وسيلة للتفاعل والتعامل بين الأشخاص والمؤسسات والهيْئَات المختلفة، وعند استخدام أيِّ وسيلة اتصال ينبغي الالتزام بمجموعة من الأخلاق والآداب العامة، ومن هذا المنطلق جاء مفهوم آداب الإنترنت. فصار لزامًا أن نتعلَّم (أخلاقيَّات عالم الإنترنت) فالشات ستظلُّ عنصرًا مغريًا وجذَّابًا يلتهم وقتًا هائلاً دون عائد يوازي هذا الوقت الذي ينفقه الإنسان فيها، ما لم يكن محدد الهدف ومؤقَّت المدى. إن غياب المعرفة أو الثقافة الواسعة يجعل من الدردشة التي تجري في معظم مواقع التواصل العربيَّة عبارة عن لغوٍ فارغ، أو معاكسات، أو شتائم متبادلة، ولا يكون تبادل الحديث نافعًا إلا إذا كانت لدى أطرافه من المعرفة أقدارٌ كافية، بحيث يكون النقاش مفيدًا، وأعتقد أن بيننا وبين هذا شوطًا كبيرًا لأن أغلبنا لم يتزوَّد بالثقافة الكافية
فتلك الأمور غيرمتاحة في مناهج التعليم لنشر الوعى لدى كثير من شبابنا في الحصول على المعلومات وتداول الأفكار. ومن المقلق حقًّا: وجود بعض المواقع التي تحتوي على أفكار مسمومة تشكك في كل شيءوأشفق على مَن تُتاح أمامه هذه المواد دون أن تكون لديه أدنى خلفيَّة عن تلك القضايا، فكيف إذًا نتفاعل مع هذه المتغيِّرات؟ وكيف نتعامل مع هذه التحدِّيات؟! أرى أننا للأسف لم نتطرَّق إلى هذه المسائل، وما زلنا غالبًا نتعامل مع الإنترنت بوصفه شبكةً للاتصال والتسلية أكثر مما هو وسيطًا للمعلومات والحوار بكل ما يحمله هذا من صعوبات، وما يطرحه هذا الوضع من أسئلة لا يتصدَّى أحدٌ لطرحها
فكل هذا يحتم علينا
لفت الانتباه إلى الاهتمام بالثورة المعلوماتيَّة التي حدثت وما جرى من تغيُّر في أخلاقيَّات المجتمع
وماذا يجب علينا تِجاهها وما ينبغي أن يكون عليه السلوك البشرى حِيال التأثيرات السلبيَّة لتكنولوجيا المعلومات.