الإبن الصالح .. بقلم - ندى مجاهد
من نعم الله تعالى على عباده نعمة الذرية، فهم زينة الحياة الدنيا وقوامها مصداقاً لقوله الله تعالى -: " المَالُ وَالَبَنُونَ زِينةُ الَحَياةِ الدٌُنْيا" ولكن لا تقر أعين الآباء بالأبناء إلا إذا كانوا صالحين وبارين بهم، وهذا لا يأتي من يوم وليلة، بل على مدار تعب سنوات وسهر وتربية إيجابية وإنشغال دائم بالأبناء وبحياتهم الخاصة،
وفي الحقيقة إن تربية الأبناء تربية صحيحة أصبحت عسيرة فى وقتنا هذا لما انتشر من فساد الأخلاقيات والمخاطر التي تشكل خطراً على الأبناء في المجتمع، لذلك علينا التفكير جيداً قبل إختيار شريك الحياة في البداية حتى لا يدفع الأبناء ضريبة الإختيار الخاطئ، ثم بعد الإختيار الصحيح يكون الإتفاق السليم بين الأزواج على أساس التربية الصحيحة.
"فالأبناء هم مرآه آبائهم"، والإبن الصالح لا يشمل فقط الذكر ولكن يشمل الذكر والأنثى.
فعلينا أن نعيد ترتيب أولوياتنا، حيث أن هناك الكثير من الآباء منشغلين في جمع الأموال وآخرين منشغلين في السفر والعمل الدائم لتوفير حياة كريمة لأبنائهم، دون التفكير في احتياجات أبنائهم غير المادية، فالإحتياج ليس للمال فقط بل هناك إحتياحات أخرى كثيرة للأبناء حتى ينشأ الإبن الصالح، فالكثير من الآباء يعتقدون أن الأموال أساس التربية الصحيحة حتى يستند عليه الأبناء عند الكِبر، وهذا تفكير خاطئ يجعل الإبن غير متحمل للمسئولية، وأيضاً اكتسابه لسلوكيات سلبية كثيرة.
فمن اليسير الإنجاب، ولكن من الصعب تربية هؤلاء الأبناء تربية صحيحة، لذلك على الآباء التفكير أولاً في كيفية تربية الأبناء، ووضع أساس التربية أمامهم في كل خطوة حتى ينشأ الأبناء في وجود أسرة سوية يحترم فيها كل فرد الآخر حتى ينشأ فى بيئة إجتماعية هادئة، يكتسب ويتعلم فيها الحب والمودة والرحمة والتقرب إلى الله، وأفعال أخرى كثيرة تجعله فرداً مسئولاً عن حياته، فالإبن الصالح رزق من الله وبهجة الدنيا وأنسها، تأمره يبرك، تكبر فيعطف عليك، يعينك على أمر الدنيا، وبعد الممات فهو يدعو لك كما يعد كَنز من الحسنات الممتدة في الدنيا، لذلك على الأباء أن يحسنوا هذه الهدية والمحافظة عليها.
ومن صفات الإبن الصالح -:
1- البر بوالديه فى حياتهما والإحسان إليهما وعدم التقصير في حقهما وطاعتهما.
2- تخاطب والديه برفق ولين.
3-الإنفاق على والديه وتلبية احتياجاتهما.
3-صلة الأرحام.
وصفات أخرى كثيرة.
ومع إنشغال الآباء الدائم وانتشار سلوكيات سلبية في المجتمع مما أثر هذا على تربية الأبناء وجعلتهم أكتر تعرضاً لسلوكيات خطيرة، وفي حقيقة الأمر من أين يأتي الإبن الصالح في ظل وجود صعوبات وتحديات بين الأزواج؟
من أين يأتي فى وجود مجتمع لا يبالي لأي مخاطر سلبية منتشرة فيه؟
وكل هذا يؤثر على الأبناء وعلى تصرفاتهم فأصبحنا في مجمتع انتشر فيه الفساد وعدم الأمان في ظل إنتشار "وسائل التواصل الإجتماعي" التي تشكل خطراً كبيراً على الأبناء فى مراحل أعمارهم المختلفة، فأصبحنا فى مجمتع الإبن يقوم بضرب والدته وأخر يقوم بسرقتها وأمثلة كثيرة من ذلك، بجانب التخلي عنهم عند الكِبر وتركهم فى دار مسنين، دون أى شفقة منهم لآبائهم.
وبالرغم من إنتشار كل هذا إلا أن الإبن الصالح مازال حاضراً بيننا،لذلك على الآباء التفكير بجدية فى تربية أبنائهم.
"فالإنجاب مسئولية" سوف نسأل عليها، حيث يأتي الإنجاب حسب القدرة التربوية للآباء وليس المادية، فنحن لسنا في سباق، فعند تغيير تفكيرنا سوف يساعد على التربية السليمة، فهي ليست بتحقيق رغبات الأبناء كلها ولكن بتحقيق الأولويات.
وصَلاح الأبناء أول مايقوم عليه هو قدوة صالحة يسير على خطاها، فإن رأك تخاف الله خافه، وإن رأك تخشى الله عظمه،وإن رأك تصلى وتصل الرحم،سوف يصلى ويصل الرحم.
فعلموا أبنائكم الكرم وصلة الرحم،والبعد عن الأذى والعطف على الآخر، لا تملوا من توجيههم ،وعلى الآباء أن يقوموا بتعليم أبنائهم أصول الإيمان وحب الله وذكر نعم الله تعالى التي أعطانا إياها، والتي لا تعد ومعرفة الحلال والحرام وأن يعلم أن الله يراقبه في كل وقت، بالإضافة إلى تقوية العقيدة لديهم، ويعد كل هذا من مهام الوالدين فى تربية وتنشئة الإبن الصالح.
وفي النهاية نسأل الله عز وجل-: الهداية لأبنائنا وتيسير أمورهم والتوفيق لهم.