أنباء اليوم
الأحد 22 ديسمبر 2024 09:28 صـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

”صـراعُ البقـاء” بقلم - محمد دهشان

أ/ محمد عبد العاطي دهشان
أ/ محمد عبد العاطي دهشان

الحياه كتلة من الصراعات، نصارع من أجل البقاء ومن أجل تأمين المستقبل ونصارع لفرض ‏وجودنا.

أنت من تفرض وجودك .. فكراً .. منطقاً .. وقوة أيضاً.‏

‏ فأنا أثبت نفسي بمنطقي وبعقلي بتفكيرى وبقوتى، يحيا الإنسان فى بيئة تحديات، أنت تتحدى ذاتك، ‏يومك يبدأ بالتحدي حينما تجد أن النوم جميل و الراحة جميلة ودفء الفراش في الشتاء لا يوصف، كأنه ‏من نعيم الجنة، لكنك تتحدى هذا وتنهض وتصارع البرد وتترك الدفء وتغادر الفراش، وتتحدى ما لذ وطاب لنفسك من أجل لقمة العيش والذهاب للعمل، إحساس داخلي ينتابك أن فعلاً الحياة صراعات، نحتار ‏ما بين صراع لوجودنا وبقائنا والصراع لإثبات ذاتنا، نحتار تارة وقد يتنازل الإنسان عن بقاء وجوده ‏لإثبات ذاته، فالإنسان ما بين صفة فكرية وعقلانية وجسدية، ينازع في هذه الدائرة، يقاتل لأجل إثبات فكره ‏فيخرج له الجهلاء أو من يعارضه،

‏ يقاتل لإثبات وجود فيخرج له الحساد، يخرج الفاشلون من شتى خنادقهم لإثبات أنك لا تستحق الوجود، ‏يقاتل لإثبات الذات فيخرج له قتلة الطموح والأحلام.‏

‏ صراعات متتالية تحاك لك وملك الموت يتربص بنا جميعاً والدنيا لا تكترث فينا.‏

‏ أكثر من عَمَّر الأرض "عاد - فرعون – نمرود " أين هم الآن؟ في مقبرة التاريخ.‏

‏ أنت تنفع ذاتك وتبني حياتك وتؤكد وجودك، الإنسان أعظم مخلوقات الله، وجد ليعمر الأرض قوة ‏وحياة وحركة ولم يخلق للضعف والهرب والسكينة، وهذا مصداقاً لقوله تعالى: "لقد خلقنا الانسان في كبد" صدق الله ‏العظيم،

عندما تزرع شجرة أنت تستمتع بالعمل وتعمر الوجود وتنفع ذاتك، وعندما تحفر بئر تنفع أصحاب ‏الأكباد العطشة، لا تنفع الأرض فالماء من الأرض.

إعلم أن الحياة لا تكترث بك والدنيا لن يهمها أمرك، أنت من يفرض وجودك على العالم أجمع ولا تنسى ‏أن الموت يتربص بك وماذلنا نتصارع ونتنافس، اسأل نفسك سؤال ماذا يحتاج الإنسان؟

‏ أحتاج أن أزرع في قلبي الطمئانينة حتى أخرج من ظلمة الصراع وأتالق في القمة ما فوق السحاب، ‏أرى بزوغ الفجر ورونق الشمس وجمال القمر وسعة السماء.

إذا أردت أن تخرج من هذه الصراعات ما بين وجوداً وفكراً و عقلاً وجسداً لابد أن تتألق لعنان السماء ‏وتترفع عن الصراعات، ‏

ترفعك عن الصراع هو إثبات لعظمتك، ترفعك عن الصراع إثبات لوجودك.

كن كالمطر ينثر خيره أودية تجعله سيول فتنهل منه الأرواح، وأرض تجعله آبار تجمعه لإنقاذ الأرواح، لكن ‏المطر يعلم أنه لم يرى إلا الخير، وأنزل الخير السحب، وأن تجعل أفكارك منثورة، هناك من سيستغل ‏الفكرة ويجعلها ضد الإنسانية والدين والروح، وهناك من سيجعل الفكرة هادمة للإنسانية كمن يقرأ ‏القرآن "فويل للمصلين" ثم يجعلنا نتخبط ويل لنا ونحن نقف بين يدي الله، وآخر يقرأ ويقول "الذين هم عن ‏صلاتهم ساهون" اختلف المعنى، الأول صمَت والثاني أكمل، هكذا هي الأفكار. ‏

فياسيدى الحياة شاقة وصراعاتها شاقة، تحتاج منك أن تعلو القمم وتقف على القمة وتنظر للأسفل وما ‏أجمل أن تنظر للأسفل بنظرة شفقة لا بنظرة علو والأجمل من هذا أن يحجب السحاب عنك رؤية الأسفل ‏فتظن أنك في مدينة أفلاطون أو في الجنة. ‏

لهذا يا سادة ترفُّعنا يحتاج بداية وعزيمة وترفُّع مع ذاتنا ،ترفُّعنا يحتاج إلى بداية أن نصعد عنان التعب ‏فتعب الصعود شاق لكنه أجمل راحة نفسية. ‏

‏ هل تعلم يا سيدي ما معنى أن يصلح الله بالك؟

هل فكرت فى صلاح البال والحال والمال؟

يا سيدي صلاح البال لو أصاب الأرض البركان والزلزال وجاء الإعصار من بعد ذلك وهاج الناس في ‏سكك المدينة وأصلح الله بالك ستضع كرسي وتضع قدم على قدم وأنت تقول أسأل الله لطف الله هذا ‏هو صلاح البال، ‏

صلاح البال أن ترى المصيبة فتمد يدك تبحث عن نور صلاح البال، أنت ترى الغمام وترى إنبات الأرض ‏لا ترى إعصار، فدائماً اسألوا الله أن يصلح بالكم. ‏

جزء من صلاح البال أن يرفعك الله عن السفهاء،‏ فالسفهاء ونقاش السفهاء التي تراه جزء من سلب نعمة صلاح البال والحال. ‏

إذا أراد الله أن ينزع صلاح البال منك أدخلك في نزاعات، وإذا أراد الله عز وجل أن يعطك ستجد حتى في ‏كلامك من يكرهك يتفق معاك لكن الحسد يمنعه فلذا نحتاج أن نترفع فالدنيا صراعتها كثيرة.

-‏ نحن يا سادة من نحفر القبر ونحن من ندفن. ‏

- نحن يا ساده من يمرض نحن من نصنع الدواء. ‏

- نحن يا ساده نحمل الجنازة ونحن الذين نحمل الطفل ‏

- نحن يا ساده نكتب الفكرة ثم ننقض الفكرة، نتبنى الرأي ثم نخالفه ‏

- نحن كتلة تناقضات يا معشر البشر ‏

- نحن ندعي كراهية الدنيا ونعشق الدنيا نرجوا رضا الله ونقع فى الغيبة والنميمة والكذب والزور و‏التزوير وننظر الى أروقة المحاكم. ‏

كتلة من التناقضات تجتمع بنا.

نتزوج بدافع الحب ونطلق بدافع الكراهية، نبدأ حياة بالحب ونخرج منها بكراهية "كتلة تناقضات" ‏

جعل الله عز وجل فينا كتلة تناقضات حتى في خلقنا، فخلقنا الله من طين من رمال تحت أقدامنا وأرواح من ‏السماء فجمعت التناقضات ‏

‏ جعلنا فالله عز وجل شانه في بيئة التناقضات، أرادك أن تترفع لا عن التناقض فأنت لا تسلم من التناقض ‏مهما حييت، ‏

أرادك الله أن ترفع نفسك لهذا إن أردتم أن ترفعو أنفسكم بصراعات تتوالى علينا بين وجع ومرض و‏فكرة ووجود وعقل وتألق يجب أن تكون عندك عزيمة تنافس الجبال فإذا أنت ملكت العزيمة يرفعك الله ‏لأعلى سماء. ‏

لهذا يا سيدى كلما ترفعت عن السفيه كلما كنت عند الله عظيم وكلما ترفعت عن سفهاء الناس كلما ‏أوصلك الله للعظماء فإذا كنت أنت عظيماً يا سيدى من الداخل لن يهزك كلام الناس .‏