مُـستنزَفــةٌ أنـا.. بقلم - ثويـبة صابر
لا تصدقوا قوتي وضحكاتي، فوالله مُستنزَفة..!
مُستنزَفة تنزف روحي وتصرخ أوصالي.. أطلقوا صراحي، انزعوا الألم عني أخبروهم أن يرفعوا السوط عني..
أريتهم آثار من قبلهم على جداري و كيف لازالت جروحي نابضة لا تفتك يسيل منها بعض الدماء إلا أنها سكنت قليلاً بعد ما سكبت عليها الرمال،
ولم يلبثوا حتى دقوا فيها خناجرهم ورماحهم ليروني أيهم أشد مهارة في غرسها بجروحي ولم يبالوا بصراخي،
ولم يكتفوا بذلك بل لام بعضهم علي علوّ صوتي من شدة الألم و شكا تضرره من صرخاتي جراء جُرحي من سوطه وخِنجره الموقع به فوق جراح لم تلتئم.
والله ألمي كلما أتذكر أني أخبرتهم به كي لا يؤلموني أشد جُرحاً من الجراح نفسها؛
مُستنزَفة ولا أجد أمي حتى أميل برأسي على راحتها فتَخيط ردائي المتهتك من رحلةٍ غابرةٍ لم تنتهي بعد، صادفني فيها الصباغ و الجيف و خبيث النفس على قدمين؛
ولا أجد صدر أبي فيضمني بذراعيه ويحيطني من الكون داخله فيأمن صدري.
مُستنزفة ولا يسعني إلا أن أرقد بالأرض لعل غبار الطريق يحنو على قلبي ويضمه ضمة حنون.
مُستنزَفة مستهلَكة بالية ولا يبالي بي أحد..! أريد ضمة لا شيء فيها سوي صمت طويل وهدوء تعتليه كلمة بسم الله الرحمن الرحيم "ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك.." و تأخد بيدي كطفل رضيع يختبئ في مهجعه الدافئ.
لا تصدقوا ابتسامتي فوالله جروحي لم تشفى بعد ولا يزالون يصنعون المزيد بلا رحمة فوق سابقتها وبنفس الشكل على مساحة أكبر و بحمرة دماءٍ أكثر.
رفقاً بي...! لا تتركوني ولكن دعوني وحدي في سكوني وإن لم تستطيعوا أن تبقوا أرجوكم لا تؤذنني فلم أعد أستطيع، لا تتكرروا جروحي.. إن لم تبقوا فلا تهلكوني.